السؤال:
هذه الرسالة وردتنا من جدة من القعقاع بن عمرو يقول: إذا كان هناك إنسان يحب صفة من صفات الخير والفضيلة مثل الشجاعة أو الكرم، وهذه الصفة ليست موجودة فيه الآن، وهو يريد أن يغرسها في نفسه ويجعلها ملازمة مدى حياة، ويريدها بأي ثمن حتى لو كلف ذلك حياته، فهل يستطيع؟ وضع بين فاصلتين، يبدو السؤال غريباً. ولكني أرجو منكم التكرم بحله؛ لأنه يهمني كثيراً، وجزاكم الله خيراً على ما تقدمونه من خدمة للمسلمين.
الجواب:
الشيخ: الأخلاق الفاضلة من الكرم والشجاعة وسعة البال وغيرها تنقسم إلى قسمين أحدهما غريزي جبل الله العبد عليه، والثاني اكتسابي يكتسبه العبد بالتمرن. فأنت أيها الأخ السائل يبدو من كلامك أنك تحب الشجاعة والكرم، ولكنك لست متصفاً بهما الآن، فقد فاتتك الغريزة. ولكن القسم الثاني وهو الاكتساب لم يفتك، فإنه بإمكانك أن تمرن نفسك على الشجاعة والإقدام في الأمور النافعة شيئاً فشيئاً حتى ترتقي إلى الكمال، وكذلك بالنسبة للكرم تعود نفسك البذل فيما فيه خير ومنفعة حتى تصل بذلك إلى الكمال. وليس الكرم والشجاعة التهور في بذل المال أو في بذل النفس وتعريضها للخطر، بل إن الكرم هو بذل المال في محله، والشجاعة أيضاً بذل النفس في محلها. وقد قال المتنبي: الرأي قبل شجاعة الشجاعان هي أول وهي المحل الثاني. فعندما تريد أن تتعود الكرم لا تسرف في الإنفاق وتبذر، ولكن أنفق حين يكون الإنفاق خيراً من الإمساك، وأمسك حين يكون الإمساك خيراً من الإنفاق. كذلك أيضاً في الشجاعة عندما تريد أن تكون جريئاً لا تأخذك في الله لومة لائم ولا تبالِ أحداً. أقدم حين يكون الإقدام خيراً من الإحجام، وأحجم حين يكون الإحجام خيراً من الإقدام. على كل حال لا بد من الاتزان في هذين الأمرين.
النشرة البريدية
عند اشتراكك في نشرتنا البريدية سيصلك كل جديد يتم طرحه من خلال موقع وقناة إستبرق الإسلامية